" ، صدرت في العام 2008 عن منشورات مركز أوغاريت الثقافي في رام الله – فلسطين ، تقع القصة التي صمم غلافها ورسوماتها جاد سلمان في 43 صفحة من الحجم الكبير ، وجاءت تحت خمسة عناوين كل عنوان منها يكاد يشكل قصة منفصلة ، وهي " الربيع يهرب من الأشجار " و " صباح ساخن جدا " و " المسرح له حضور " و " تحت الشجرة القديمة " و " نهاية لا تتأخر " ومنذ البداية اعطاها الكاتب اسم " سر الرائحة " .
مضمون القصة : تتحدث القصة عن قرية وادعة ، تنمو فيها الزهور والأشجار المثمرة ، وتتحلى بجمال طبيعي خلاب ، وذات ربيع بدأ سكانها يشمون رائحة كريهة ، وبعضهم فقد وعيه جراء ذلك ، واتسعت دائرة الضرر لتشمل غالبية سكان القرية ، كما بدأت الأزهار والأشجار تذبل ويميل لونها الى السواد ، الى أن جفت ، واستعانوا بدائرة البيئة التي اكتشف موظفوها أن صندوقا حديديا ، مدفونا تحت شجرة ، وبدأ الصدأ يدب في أطرافه ، وكانت المشكلة في هذا الصندوق الذي يحتوي على مواد سامّة دفنها غرباء .
ومن خلال هذا الموضوع يتضح لنا أن الكاتب يرمي الى ضرورة الحفاظ على البيئة ، وعدم دفن المواد السامّة فيها ، ومن المعروف مثلا كما ذكرت وسائل الاعلام أكثر من مرة بأن المحتلين الاسرائيليين ، يقومون بدفن نفاياتهم الكيماوية في أراضي الضفة الغربية ، كما أن مجاري المستوطنات تلوث البيئة في الضفة الغربية أيضا ،كما أن بعض الدول الغربية تقوم بدفن نفاياتها الكيماوية والذرية في أراض بعضي الدول النامية أو على شواطئ هذه الدول ، أو في أعماق البحار ، حتى أن مصادر صومالية مقربة من قراصنة البحر الذين ظهروا في الأشهر القليلة الماضية ، عزو فعل القرصنة هذا لمنع السفن الأجنبية من الاقتراب من شواطئهم المائية، لأنها تلقي نفايات سامّة هددت الثروة السمكية ، ويبدو أن الكاتب متأثر بذلك وكتب قصته من هذه الخلفية .
البناء القصصي :
واضح أن الكاتب استعمل كثيرا الاسترجاع flash back " "وفي بعض الأحيان لم يوفق في تنمية وتسلسل الحدث، فمثلا عندما أصيب الطفل سامي بالإغماء قال بعد أن أفاق : " شعرب بأني أركب أرجوحة تدور برأسي في كل اتجاه ، وبأني أسقط من فوقها " ص 13 وفي تفسيره لذلك يقول " قبل أن يُغمى عليّ ، شممت رائحة كريهة ، وربما هي التي جعلتني أفقد الوعي ، بعض الأطفال أكد أنه شمّ الرائحة ، وبعضهم لم يفعل " ص 13
وفي سياق الحدث جاء في الصفحة ص 15 : عصافير الحديقة لم تعد تغرد ، وقلت حركتها فوق الأشجار ، والضفادع لم تعد تظهر ، ولا يعلو لها صوت ، والنحل غاب طنينه جول الزهور "
وعلى نفس السياق جاء والحديث عن الرجل الطيب نظمي " سمع صوتا يناديه من الخارج فأسرع اليه ، بادره أحد جيرانه: هناك حالات إغماء كثيرة ، والرائحة تزداد انتشارا ، وتصل الى كل مكان ، الخوف ينتشر في القرية ، النساء يبكين ، والأطفال خائفون من الذهاب الى المدرسة " .
وفي محاولة من الكاتب لإطالة القصة، فقد لجأ الى الخرافة ، مع أن أحداث قصته واقعية ، والتلوث واقعي أيضا ، وذلك من خلال الكابوس الذي رآه الطفل سامي ، في الحلم ، ورؤيته لوحش يبتلع كل ما هو أمامه ، وفي هذا الحلم " تذكر عجوز القرية الحكيمة وعكازيها البنيين ، كانت تقول أن شجرة التوت تخفي سرّا خطيرا ، وكانت تشير الى جذعها، ثم ترسم دائرة وتؤكد أن السرّ مدفون داخلها ، قالت العجوز قبل أن تموت : "حاولوا أن تقتلعوا شجرة التوت " ص 34
وفي تقديري أن لجوء الكاتب الى الحلم والى عجوز القرية الحكيمة لم يكن موفقا ، فالتلوث واقع ولا يحتاج الى أحلام أو الى حكماء أو عرافين لتفسيره وتحديد موقعه .
اللغة : لغة الكاتب جميلة وسليمة مع أنه وقع في هفوة بسيطة مثل قوله عن الطفل سامي: " لاحظ الخلد الصغير يطل من أحد الثقوب " ص 33 والصحيح هو جحور وليس ثقوب ، فالثقب صغير جدا مثل ثقب الإبرة ، وكذلك الأمر : خرج سامي من الثقب " ص 34
الفوائد المستوحاة من القصة : لا أدري لماذا ألحّ على ذاكرتي بأن الكاتب ربما كتب قصته لتقديمها الى احدى المسابقات التي ترعاها بعض المؤسسات الاقليمية والعالمية للدعوة الى الحفاظ على البيئة ، وبغض النظر عن ذلك فإن القصة احتوت على عدة أمور تربوية وتعليمية منها :
- الدعوة الى الحفاظ على النظافة ، وعلى البيئة بشكل عام.
- تلوث البيئة يلحق الضرر بالأحياء عامة من انسان وحيوان ونبات .
- التكامل الطبيعي في الحياة بين الأحياء من انسان ونبات وطيور ، وحتى الحشرات .
- الذباب ينقل الامراض
- النحل مفيد لانتاج العسل ، والعسل مفيد لعلاج بعض الامراض.
- الضفادع تأكل الحشرات الضارة.
- زقزقة العصافير تبعث الراحة والسعادة في النفوس .
- علاج مخلفات المصانع ليس بدفنها في الارض.
- للفنون وللمسرح تحديدا فوائد جمة.
الرسومات : في تقديري أن الرسومات غير مناسبة ، ولا علاقة لها بمضمون القصة ، وغير مفهومة للاطفال أو الكبار.
جيل القصة : اللغة المستعملة في القصة ، وطريقة سردها غير ملائمة للأطفال وهي تصلح للفتيان وللكبار